تم افتتاح المكتبة الرقمية العالمية في شهر أبريل 2009 وقد أسهمت أكثر من عشرين مؤسسة بمحتوىً من أجل إصدار الموقع الافتتاحي، وتمثل المكتبة الرقمية العالمية تحولاً في مشروعات المكتبات الرقمية من التركيز على الكم لذاته إلى الجودة، مع الإبقاء على أولوية للكم ولكن ليس على حساب مقاييس الجودة التي أسست في مرحلة التكوين، وتفتح المكتبة الرقمية العالمية آفاقًا جديدة في العديد من المجالات، والتي يمثل كلٌ منها استثمارات مهمة من الوقت والجهد.
بدأت الفكرة في يونيو 2005 عندما اقترح أمين مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة تأسيس المكتبة الرقمية العالمية وقد كانت الفكرة الأساسية هي إنشاء مجموعة من ثروات العالم الثقافية قائمة على الإنترنت ويسهل الوصول إليها، وقد رحبت اليونسكو بالفكرة كإسهام نحو تحقيق أهداف اليونسكو الإستراتيجية، والتي تتضمن تعزيز مجتمعات المعرفة وبناء القدرات في الدول النامية وتعزيز التنوع الثقافي على الشبكة العنكبوتية، وقد كلف مدير عام اليونسكو الأسبق كويشيرو ماتسورا مديرية اليونسكو للاتصالات والمعلومات بالعمل مع مكتبة الكونغرس لتطوير المشروع.
وأدى اجتماع الخبراء إلى تأسيس مجموعات عمل لإعداد توجيهات إرشادية للمشروع وإلى قرار من مكتبة الكونغرس واليونسكو وخمس مؤسسات شريكة هي مكتبة الإسكندرية ومكتبة البرازيل الوطنية ودار الكتب والوثائق القومية المصرية ومكتبة روسيا الوطنية ومكتبة الدولة الروسية بإعداد نموذج لمكتبة رقمية عالمية والإسهام بمحتوى لها على أن يعرض في مؤتمر اليونسكو العام في 2007.
وقد تبع الكشف الناجح للنموذج قرار من عدة مكتبات بإعداد إصدار عمومي من المكتبة الرقمية العالمية متاح للوصول المجاني يتميز ذلك الإصدار العمومي بمواد رقمية عالية الجودة تعكس التراث الثقافي لجميع الدول الأعضاء في اليونسكو، وأخذت المكتبة الرقمية العالمية على عاتقها مواصلة إضافة محتوى إلى الموقع، كما ستضم شركاء جدد على أوسع نطاق ممكن من أعضاء اليونسكو إلى المشروع.
والشركاء هم بشكل عام مكتبات ودور وثائق ومؤسسات أخرى لديها مجموعات من المحتوى الثقافي تسهم به في المكتبة الرقمية العالمية، وقد يضم الشركاء أيضًا مؤسسات وشركات خاصة تسهم في المشروع بأشكال أخرى، مثل مشاركة التكنولوجيا أو عقد اجتماعات مجموعات العمل أو المشاركة في رعايتها أو المساهمة المالية.
وتتألف مجموعة شركاء المكتبة الرقمية العالمية أساساً من المكتبات والمحفوظات أو مؤسسات أخرى تملك مجموعات من المضمون الثقافي التي تهديها إلى المكتبة الرقمية العالمية، وقد يشمل الشركاء أيضا المعاهد والجمعيات والشركات الخاصة التي تساهم في المشروع بطرق أخرى، مثلا بواسطة المشاركة بتقنيتها، أو القيام بالرعاية المشتركة للاجتماعات المنعقدة من قبل المجموعات العملية، أو بواسطة الإسهام المالي.
من ناحية أخرى تدعم المكتبة الرقمية العالمية رسالة اليونسكو في بناء القدرات في الدول النامية وتعتزم العمل مع اليونسكو وشركاء في هذه الدول والممولين الخارجيين لتأسيس مراكز تحويل رقمي إضافية حول العالم، ولن تقتصر هذه المراكز على إعداد محتوى للمكتبة الرقمية العالمية فقط بل لمشروعات قومية ودولية أخرى أيضًا.
هذا بالإضافة إلى أنها تتيح استكشاف الكنوز الثقافية من حول العالم ودراستها والتمتع بها، كل ذلك في موقع واحد وبأساليب متنوعة، وتتضمن هذه الكنوز الثقافية على سبيل المثال لا الحصر مخطوطات وخرائط وكتب نادرة ونوت موسيقية وتسجيلات وأفلام ومطبوعات وصور فوتوغرافية ورسوم معمارية، كما يمكن تصفح المواد على المكتبة الرقمية العالمية بسهولة على حسب المكان والزمان والموضوع ونوع المادة والمؤسسة المساهمة، كما يمكن التوصل إليها عن طريق بحث مفتوح بلغات متعددة، ومن الميزات الخاصة التي تتمتع بها المكتبة الرقمية العالمية تلك الكتل الجغرافية التفاعلية وخط زمني وعرض متقدم للصور وإمكانيات تفسيرية.
لقد أعدت مجموعة عمل انتقاء محتوى المكتبة الرقمية العالمية أول الأمر توجيهات إرشادية عريضة للانتقاء. وإضافةً إلى ذلك عمل شركاء المكتبة الرقمية العالمية على تضمين محتوى مهم وذي مغزىً ثقافي عن كلٍ من الدول الأعضاء في اليونسكو. والمحتوى مدرج بتشكيلة متنوعة من التنسيقات واللغات من أماكن وفترات زمنية مختلفة. تركز المكتبة الرقمية العالمية على مواد أولية مهمة تتضمن المخطوطات والخرائط والكتب النادرة والتسجيلات والأفلام والمطبوعات والصور الفوتوغرافية والرسوم المعمارية وأنواع أخرى من المصادر الأولية. وسيكون من أهداف محتوى المكتبة الرقمية العالمية التعاون الوثيق مع برنامج ذاكرة العالم التابع لليونسكو الرامي إلى إعداد إصدارات رقمية متاحة للعموم من هذه المجموعات.
تتيح المكتبة الرقمية العالمية أدوات التنقل وأوصاف المحتوى بعدة لغات هي العربية والصينية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والروسية والإسبانية، كما توجد لغات أخرى كثيرة ممثلةً في نفس الكتب والمخطوطات والخرائط والصور الفوتوغرافية وغير ذلك من المواد الأولية المتاحة بلغاتها الأصلية.
تهدف المكتبة الرقمية العالمية إلى تعزيز التفاهم بين الدول والثقافات، وتوسيع حجم المحتوى الثقافي على الإنترنت وتنوعه، بالإضافة إلى توفير موارد للتربويين والعلماء وعموم الجماهير، وكذلك بناء القدرة لدى المؤسسات الشريكة لتضييق الفجوة الرقمية ضمن الدول وبينها.
وقد قام بتطوير المكتبة الرقمية العالمية فريق في مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة مع إسهامات من مؤسسات شريكة في دول كثيرة ودعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ودعم مالي من عدد من الشركات والمؤسسات الخاصة.
المصدر: موقع المكتبة الرقمية العالمية . متوافر على: http://www.wdl.org/ar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق